يشتري المستثمرون ويتداولون الأوراق المالية التي تصدرها الشركات والحكومات التي تحتاج إلى جمع رأس المال. وتُعرَف الأسواق التي تبيع فيها الشركات والحكومات أوراقها المالية للمستثمرين باسم الأسواق الرئيسية. ولكلِّ نوعٍ من الأوراق المالية سوقه الرئيسية. على سبيل المثال، يوجد في معظم البلدان سوق رئيسية للحصص التي تصدرها الشركات أو للسندات الحكومية (الوطنية) السيادية.
كذلك يتداول المستثمرون الأوراق المالية، مثل الأسهم والسندات، بالإضافة إلى العقود، مثل العقود الآجلة وعقود الاختيار. وتحدث هذه الصفقات في أسواقٍ ثانوية؛ فعند تداول الأوراق المالية والعقود في الأسواق الثانوية، عادةً ما يحصل المستثمرون على مساعدة مُقدِّمي خدمات التداول، مثل الوسطاء والوكلاء.
يوفر الوسطاء، والوكلاء، ة والمقاصة، ووكلاء التسوية، والأوصياء، ومؤسسات الإيداع، خدماتٍ متنوعة تسهل الاستثمار عبر مساعدة مشتري الأوراق المالية والأصول الاستثمارية وبائعيها في الترتيب للصفقات فيما بينهم، وعبر امتلاك الأصول لصالح العملاء.
تُقدَّم خدمات الوساطة للعملاء الذين يريدون شراء الأوراق المالية وبيعها؛ ولا تشمل الخدمات التنفيذية فقط (أي مباشرة تنفيذ الأوامر نيابة عن العملاء)، بل تضم أيضًا الأبحاث والاستشارات المرتبطة بالاستثمار. وتُقدَّم خدمات الوساطة بواسطة شركات الوساطة أو الوسطاء.
الوسطاء هم وكلاء يُعِدون الصفقات لعملائهم، ولا يتداولون مع عملائهم، بل يبحثون عن متعاملين مستعدين ليكونوا الطرف الآخر في صفقات عملائهم. ويساعد الوسطاء عملاءهم عبر تقليل تكلفة إيجاد أطرافٍ أخرى لإتمام صفقاتهم، كذلك يقدم الوسطاء مختلف خدمات التداول.
يدفع العملاء عمولاتٍ لوسطائهم مقابل الإعداد لهذه الصفقات. وتتفاوت العمولات على نطاقٍ واسع، لكنها عادةً ما تعتمد على القيمة أو الكمية محلِّ التداول. وتجدر الإشارة إلى أنَّ العمولات قد انخفضت على مدار العقود الثلاثة الأخيرة، ويرجع ذلك بالأساس إلى إزالة القيود، والتقدم التكنولوجي، والتنافس المتزايد بين الوسطاء.
ويضمن الوسطاء أن يسوِّي عملاؤهم صفقاتهم؛ إذ يعد مثل هذه الضمانات أساسيًّا عند ترتيب صفقاتٍ بين طرفَين غريبَين ليس لديهما ترتيبات ائتمانية مشتركة. وفي مثل هذه الصفقات، يضمن الوسطاء تسوية صفقات عملائهم.
يُتيح الوكلاء لعملائهم التداولَ من دون الاضطرار لانتظار طرفٍ آخر لإتمام الصفقة؛ إذ يكونون مستعدين للشراء من العملاء الذين يريدون البيع، وللبيع للعملاء الذين يريدون الشراء، ومن ثمَّ فإنَّ الوكلاء يشاركون في صفقات عملائهم، على خلاف الوسطاء الذين لا يتداولون مع عملائهم، بل يُرتِّبون للصفقات فقط بالنيابة عن عملائهم. ويربح الوكلاء عندما يتمكنون من شراء الأوراق المالية بسعرٍ أقل من سعر بيعها، أي عندما يكون السعر الذين سيشترون به الأوراق المالية (سعر الشراء) أقل من السعر الذي سيبيعونها به (سعر العرض).
إن تمكن الوكلاء من ترتيب صفقاتٍ مع المشترين والبائعين في الوقت ذاته، فإنَّهم يحققون أرباحًا من دون مخاطر، بينما يواجهون مخاطرة الخسارة إن هبطت الأسعار بعد شرائهم وقبل أن يتمكنوا من البيع، أو إن ارتفعت الأسعار بعد بيعهم وقبل أن يتمكنوا من إعادة الشراء.
يوفر الوكلاءُ السيولةَ لعملائهم عبر إتاحة البيع والشراء لهم عندما يريدون التداول، وفي الواقع، يوفق الوكلاء بين المشترين والبائعين الذين يريدون تداول السندات نفسها في أوقاتٍ مختلفة، ومن ثمَّ يكونون غير قادرين على التداول مباشرةً فيما بينهم. وعلى النقيض، يجب على الوسطاء الجمع بين المشتري والبائع للتداول في المكان والزمان ذاتهما. وعادةً ما يُطلَق على الوكلاء صانعي السوق، لأنهم مستعدون لصُنع سوقٍ (أي التداول عند الطلب) في أوراقٍ مالية محددة مقابل أسعار شرائها وأسعار عطائها.
القيام بمُداولة
عندما يريد المستثمرون تداول ورقةٍ مالية، فإنَّهم يصدرون أمرًا يوجه إلى جهة تداولٍ مُختارة. وتحدد جميعُ الأوامر الورقةَ المالية التي يريدون تداولها، وإن كانوا يريدون البيع أو الشراء، ومقدار ما يجب بيعه أو شراؤه.
تعليمات تنفيذ الأمر
تشير تعليمات تنفيذ الأمر إلى كيفية إعطاء الطلب. وأنواع الأوامر في بورصة الكويت هي أمر محدد سلفًا وأمر السوق، وهي تعليمات التنفيذ الأوسع انتشارًا.
يعطي الأمر المحدد سلفًا تعليماتٍ للوسيط أو جهة التداول بالحصول على أفضل سعرٍ مُتاح فورًا عند إعطاء الأمر، لكنه يحتوي أيضًا على سعرٍ محدد، أي حد أعلى للسعر في أمر الشراء، وحد أدنى للسعر في أمر البيع. ولا يمكن الترتيب لصفقةٍ عند سعر أعلى من السعر المحدد سلفًا عند الشراء، أو عند سعرٍ أقل من السعر المحدد سلفًا عند البيع.
بينما يعطي أمر السوق تعليماتٍ للوسيط أو جهة التداول بالحصول على أفضل سعرٍ مُتاح فورًا عند إعطاء الأمر. وتُنفَّذ أوامر السوق بشكلٍ عام فوريًّا إن كان المتعاملون الآخرون مستعدين ليكونوا الطرف الآخر في الصفقة.
العقبة الوحيدة في أوامر السوق هي أنَّ أمر شراء سوقٍ قد يعطى عند سعرٍ مرتفع، وأنَّ أمر بيع سوقٍ قد يعطى عند سعرٍ منخفض. ويكون إعطاء الأوامر عند أسعارٍ غير مواتيةٍ للربح محتملًا، لا سيما عندما يُوجَّه الأمر في سوقٍ لورقةٍ مالية محدودة التداول جدًّا، أو عندما يكون الأمر كبيرًا بالنسبة إلى نشاط التداول العادي في السوق.
المقاصة أهم أنشطة المقاصة هو التصديق، ويتم بواسطة المقاصة. قبل أن يمكن تسوية صفقة، يتعين على المشتري والبائع أن يصدقا على أنَّهما تداولا، وعلى الشروط المحددة لصفقتهما. ويحدث التصديق بشكلٍ عام في يوم الصفقة، ويكون ضروريًّا فقط للصفقات المُرتَّب لها يدويًّا، بينما يحدث التصديق تلقائيًّا في حالة الصفقات الإلكترونية.
التسوية تحدث التسوية بعد التصديق، وتستغرق ثلاثة أيام تداول (تُعرَف أيضًا باسم T+3) في بورصة الكويت. ويجب على البائع تسليم الورقة المالية إلى المقاصة، وعلى المشتري أن يقدم لها الأموال، ثم يُجري وكيل التسوية التبادل في عملية يُطلَق عليها «التسليم مقابل الدفع». إذ تقضي هذه العملية على الخسائر التي قد تحدث إن قام طرفٌ بالتسوية وتراجع الآخر.
بمجرد إتمام التسوية، يبلغ وكيل التسوية بالصفقة إلى وكيل التحويل التابع للشركة المصدرة، الذي يحتفظ بسجلٍ بهُوية من يملك الأوراق المالية للشركة. ومعظم وكلاء التحويل يكونون بنوكًا أو شركات ائتمان، لكن أحيانًا تحتفظ الشركات بسجلها الخاص، وتتصرف كأنَّها وكيل التحويل الخاص بها. وتحتاج الشركات إلى الاحتفاظ بقواعد بياناتٍ عن حاملي أوراقها المالية لتعرف مستحقي أيِّ فوائد أو حصص أرباح، ومن لهم حقُّ التصويت في انتخابات الشركات، ومن تجب مراسلتهم بمُخاطبات الشركة المختلفة.
تكاليف التداول التكاليف المرتبطة بالتداول يُطلَق عليها تكاليف التحويل، وتتكوَّن من شقَّين: تكاليف صريحة، وتكاليف ضمنية.
تكاليف التداول الصريحة تمثل تكاليفُ التداول الصريحة التكاليفَ المباشرة المرتبطة بالتداول. وتُعد عمولاتُ الوساطة أكبرَ تكاليف التداول الصريحة. إذ يستعين معظم المشاركين في السوق بالوسطاء ليتداولوا بالنيابة عنهم، ويدفعون لوسطائهم عمولاتٍ مقابل الإعداد لصفقاتهم. عادةً ما تكون العمولات نسبةً مئوية ثابتة من القيمة الأساسية للتحويل، أو سعرًا ثابتًا لكلِّ سهم أو سند أو عقد.
تعوض العمولات الوسطاء عن الموارد التي يستخدمونها في إعطاء الأوامر. ويتعين على الوسطاء الحفاظ على أنظمة توجيه الأوامر، وأنظمة بيانات السوق، وأنظمة المحاسبة، وعضويات البورصة، وأماكن العمل، والأفراد لإدارة عملية التداول، وهذه كلُّها ثابتة التكاليف. كذلك يدفع الوسطاء مصروفاتٍ متغيرة بالنيابة عن عملائهم، مثل رسوم الصرف، والرسوم التنظيمية، ورسوم المقاصة.
تكاليف التداول الضمنية تكاليف التداول الضمنية هي التكاليف غير المباشرة المرتبطة بالتداول. وتنتج هذه التكاليف عن التالي:
1)
الفارق السعري بين العرض والطلب: يُقيِّم كثيرٌ من المستثمرين سيولةَ السوق بالنظر إلى الفارق بين سعرَي العرض والطلب، ويُطلَق عليه الفارق السعري بين العرض والطلب. وتذكر أنَّ أسعار العرض هي الأسعار التي يشتري عندها الوكلاء، وأسعار الطلب هي الأسعار التي يبيعون عندها.
2)
تأثير السعر: يميل المتعاملون، الذين يريدون التداول سريعًا، إلى الشراء بأسعارٍ أكبر من الأسعار التي يبيعون بها. ويأتي الفارق من التنازلات السعرية التي يقدمونها لتشجيع المتعاملين الآخرين على التداول معهم. وفي الصفقات الكبيرة، يتعين على المشترين غير الصبورين بشكلٍ عام أن يرفعوا الأسعار لتشجيع المتعاملين الآخرين على البيع لهم. وعلى غرار ذلك، يجب على البائعين غير الصبورين في الصفقات الكبيرة أن يخفضوا الأسعار لتشجيع المتعاملين الآخرين على الشراء منهم. تحدث هذه التنازلات السعرية (التي يُطلَق عليها أيضًا تأثير السعر أو تأثير السوق) عادةً مع رفع مشتري الصفقات الكبيرة للأسعار، وتخفيض بائعي الصفقات الكبيرة للأسعار.
3)
تكلفة الفرصة البديلة: المتعاملون المستعدون للانتظار حتى يريد المتعاملون الآخرون التداول معهم يتحملون تكاليف أقل للتحويلات في صفقاتهم، ويمكنهم الشراء مقابل سعر العرض، أو البيع مقابل سعر الطلب، وتحديدًا عبر الاستعانة بالأوامر المحددة سلفًا بدلًا من أوامر السوق، لكنهم يواجهون خطر ألَّا يتداولوا عندما تتحرك السوق بعيدًا عن الأسهم المحددة بأوامرهم. كذلك فإنَّهم يخسرون فرصة تحقيق ربحٍ إن أخفق تنفيذ أوامر الشراء الخاصة بهم حين ترتفع الأسعار، ويخسرون فرصة تجنُّب الخسارة إن أخفق تنفيذ أوامر البيع الخاصة بهم حين تهبط الأسعار. وتُسمَّى تكاليفُ عدم التداول تكلفةَ الفرصة البديلة.